راعٍ بين الذئاب... سيرة الطوباويّ الشهيد إغناطيوس مالويان

الطوباوي إغناطيوس مالويان الطوباوي إغناطيوس مالويان | مصدر الصورة: Public domain via wikipedia

«لم نكن سوى أوفياء للدولة. لكن إن طلبتم منّا عدم الوفاء لدِيننا، فلن يحصل ذلك أبدًا، أبدًا، أبدًا»… جملة للطوباويّ إغناطيوس مالويان قالها أمام الجنود الأتراك قبل وفاته تختصر قصّة ثباته في كرمة المسيح حتّى لحظات حياته الأخيرة. فكيف استُشهِدَ الأسقف عام 1915؟

في العام 1869، رُزِقَت عائلة ميلكون وفريدة مالويان المردينيّة طفلًا سمّته شكرالله. وبعدما بلغ عامه الرابع عشر، انطلق إلى دير سيّدة بزمّار في لبنان راغبًا في أن يصير كاهنًا.

مجازر غيّرت مسار العلاقات

في لبنان أنهى دراساته الثانويّة وأُعطِيَ الدرجة الكهنوتيّة متّخذًا اسم إغناطيوس عام 1896. وأُرسِلَ إلى الإسكندريّة وبعدها إلى القاهرة. وعام 1911، سيم أسقفًا على ماردين حيث عمل على متابعة مشكلات المؤمنين.

حظي باحترام السلطات المدنيّة التركيّة، إلّا أنّ اندلاع الحرب العالميّة الأولى أدّى إلى وقوع سلسلة مجازر في حقّ المسيحيّين يوم 24 أبريل/نيسان 1915. وفي الشهر نفسه، طوّق الجنود الأتراك الكاتدرائيّة الأرمنيّة في ماردين والدار الأسقفيّة بحجّة وجود سلاح في داخلهما وأحرقوا الأرشيف ووثائق عدّة.

باحث عن الرحمة

في 13 يونيو/حزيران اعتُقِل مع 27 شخصًا وخضعوا للمحاكمة. واتّهم رئيس الشرطة ممدوح المطران بإخفاء سلاح في منزله، طالبًا منه تسليمه. وسأله اعتناق الإسلام كي ينجو من الموت. فشدّد الأسقف على أنّه لن يتخلّى يومًا عن الكنيسة والمسيح، وعلى أنّ التألّم مع يسوع فرحٌ له.

عندها صفعه عسكريّ وضربه الرئيس بطرف مسدسه مرّات عدّة على رأسه. ومع كلّ ضربة ناجى مالويان إلهه قائلًا: «يا ربّ، ارحمني، قوِّني». وحين ظنّ المطران أنّ موته اقترب، نادى بأعلى صوت للكهنة الحاضرين كي يحلّوه من خطاياه. بعدها نزع العسكر أظفار رجلَيْه وأجبروه على السير.

راعٍ بين الذئاب

سيقَ المعتقلون إلى صحراء دير الزور السوريّة حيث سألهم ممدوح من جديد اعتناق الإسلام للنجاة. هناك أكّد مالويان والمعتقلون تمسّكهم بالإيمان.

ركع المطران وكذلك فعل الآخرون، فصلّى الراعي المطوَّق بالذئاب مع خرافه كي يعطيهم الربّ القوّة والشجاعة ليستحقّوا مجد الشهداء. وأعطى الكهنة جميع الحاضرين الحلّة، فتعجّب الجنود من سلام المسيحيّين وفرحهم.

وسأل رئيس الشرطة المطران مالويان مرّة أخيرة اعتناق الإسلام بغية النجاة فرفض ذلك. حينها، أطلق النار عليه. وقال المطران لافظًا أنفاسه الأخيرة: «يا ربّ، ارحمني، بين يدَيْك أستودع روحي».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته